ابو صير وابو قير يحكى أنّ رجلين كانا في الإسكندرية ،وكان أحدهما صباغاً، واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا ،واسمه أبو صير
فقال له أبو قير :حسنا أريد أن تصبغها لي باللون الأحمر ،هز ّالصّباغ رأسه وردّ عليه اعرف سوى اللون الأزق أما بقية الألوان فلا نعرف عملها ،وقال له نحن في بلادنا أربعون معلماً لا يزيدون واحداً ولا ينقصون واحداً وإذا مات منا واحدٌ نعلم ولده وإن لم يخلف ولداً نبقى ناقصين واحداً ،والذي له ولدان نعلم واحداً منهما فإن مات علمنا أخاه وصنعتنا هذه مضبوطة ولا نعرف أن نصبغ غير الأزرق من غير زيادةٍ !!! فقال له أبو قير: اعلم أني صبّاغ وأعرف أن أصبغ سائر الألوان ،ومرادي أن أخدم عندك بالإجرة ،وأنا أعلمك جميع الألوان لأجل أن تفتخر بها على كلّ الصّباغين ،فأجابه: نحن لا نقبل غريباً يدخل في صنعتنا أبداً ،فقال : وإذا فتحت لي مصبغة وحدي؟ ردّ عليه : لا يمكنك ذلك أبداً فتركه ،وتوجّه للثّاني ،فقال له كما قال له الأول ،ولم يزل ينتقل من صبّاغ إلى آخر حتى طاف على الأربعين معلماً ،فلم يقبلوه لا أجيراً ولا معلماً، فتوجه إلى شيخ الصّباغين واخبره فقال له أنّنا لا نقبل غريباً عن بلادنا يدخل في صنعتنا، فحصل عند أبي قير غيظٌ عظيمٌ، وطلع يشكو إلى ملك تلك المدينة .
وفي الصّباح مثل في حضرته ،وقال له: يا ملك الزمان أنا غريبٌ وصنعتي الصّباغة ،جرى لي مع الصّباغين ما هو كذا وكذا ،وأنا أصبغ الأحمر ألوانا مختلفة :كالوردي والعنابي ،والأخضر ألواناً مختلفة :كالزّرعي والفستقي والزيتي ،وجناح الدّرة والأسود ألواناً مختلفة :كالفحمي والكحلي والأصفر ألوانا مختلفة :كالنّارنجي والليموني، وصار يذكر له سائر الألوان ،ثمّ قال: يا ملك الزمان كل الصباغين الذين في مدينتنا لا يخرج من أيديهم أن يصبغوا شيئاً من هذه الألوان ولا يعرفون إلا صبغ الأزرق ولم يقبلوني أن أكون عندهم معلماً ولا أجير.فقال له الملك صدقت في ذلك ولكن أنا أفتح لك مصبغة ،وأعطيك رأس مال وما عليك منهم وكل من تعرّض لك شنقته على باب دكانه، ثم أمر البنائين وقال لهم امضوا مع هذا المعلم إلى المدينة وأي مكان أعجبه فأخرجوا صاحبه منه سواء كان دكاناً أو خاناً أو غير ذلك وأبنوا له مصبغةً على مراده ومهما أمركم به فافعلوه ولا تخالفوه فيما يقول.
…
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇