close
قصص وعبر

ابو صير وابو قير يحكى أنّ رجلين كانا في الإسكندرية ،وكان أحدهما صباغاً، واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا ،واسمه أبو صير

الجزء السابع

ثمّ أنّ الملك لبس ثيابه، وطلع الديّوان، ثمّ أحضر أبا صير بين يديه ،وهو مكتّف ،وطلب رؤية القبطان، فلمّا دخل، قال له: خذ هذا الخبيث ،وحطّه في كيس مع قنطارين من الجير ، وأربط عليه ، ثمّ إحمله على الزّورق ،وتعال قرب قصري على الشّاطئ ،فتراني جالساً في الشّرفة، فإن أنزلت  يدي ،فارميه في البحر  وسيثقل الجير بالماء ويجرّه للقاع . فقال القبطان سمعاً وطاعةً. وبعد ساعة ركب الزّورق، و ساق أبي صير إلى جزيرةٍ ،وقال له : لقد جئت عندك إلى الحمّام، فأكرمتني ، وانبسطت منك كثيراً ،وحلفت أنّك لم تأخذ مني أجرةً ،وأنا قد أحببتك محبةً شديدةً، فأخبرني ما قصتك مع الملك، وأي شيءٍ صنعت له من المكاره حتى غضب عليك وأمر أن تموت هذه الميتة الرديئة؟ فقال له: والله ما علمت شيئاً وليس عندي علمٌ بذنبٍ فعلته معه يستوجب هذا الغضب من الملك .

ردّ القبطان: أن لك عنده  مقاماً عظيماً ،ما ناله أحدٌ قبلك، وكلّ ذي نعمةٍ محسودٍ، فلعل أحداً حسدك على هذه النّعمة ،وروشى بك عند الملك فغضب عليك !!! ولكن مرحباً بك ، فكما أنك أكرمتني من غير معرفةٍ بيننا، فأنا أخلّصك ،وتقيم في هذه الجزيرة حتى تسافر  سفينة إلى  بلادك فأرسلك معها، فشكره أبو صير على معروفه ،ثم أنّ القبطان أحضر الجير ،ووضعه في كيس ثم زاد عليه حجرا كبيرا قدر حجم الرجل، وقال: توكلت على الله، ثم أن القبطان أعطى أبا صير شبكةً وقال له: ارم هذه الشبكة في البحر لعلك تصطاد شيئاً لأن طباخ الملك يرسل غلمانه في كل يومٍ  إليّ ،وقد اشتغلت عن الصّيد بما أصابك ،فأخاف أن تأتون ليطلبوا السمك فلا يجدوه، فابذل جهدك  حتى أرجع، فأجابه أبو صير: أنا اصطاد  لك السّمك ،و أنت كان الله في عونك !!!
فوضع القبطان الكيس في الزّورق ،وأبحر إلى أن وصل تحت القصر، فرأى الملك جالساً في الشّرفة ،فقال له: يا ملك الزّمان هل أرميه؟ فأنزل  بيده ،وإذا بخاتمه يسقط في البحر ،وكان ذلك الخاتم من صناعة الجنّ فإذا غضب الملك على أحدهم ،أشار له  ، فيخرج  من الخاتم برق يصيبه ،و يقتله ، وما أطاعته العسكر، ولا قهر الجبابرة إلا بسبب هذا الخاتم، فلما وقع الخاتم من إصبعه ،كتم أمره خوفاً أن يعلم أعداءه فتقل هيبته بينهم ، هذا ما كان من أمر الملك.
وأما ما كان من أمر أبو صير فإنه بعدما تركه القبطان، أخذ الشّبكة ،وطرحها في البحر ،وسحبها فطلعت ملآنة سمكاً ،ثم أعاد ذلك ثانيةً ،فطلعت ملآنة أيضاً، ولم يزل يطرحها  حتى صار قدّامه كومةٌ كبيرةٌ ، فقال في نفسه: والله أن لي مدة طويلة ما أكلت من السمك ثم أختار له سمكةً كبيرةً ونظفها فعلق شيئ بالسكين ،ولمّا أخرجه رأى أنه خاتم من الذهب عليه نقوش غريبة،  فلبسه وهو لا يعلم أنه خاتم الملك ،ولما سقط في البحر إبتلعته تلك السمكة ، وساقها القدر إلى تلك الجزيرة ،ووقعت في الشبكة.
بينما هو كذلك ،إذا بغلامين من خدّام الطباخ أتيا لطلب السمك فلما صارا عند أبا صير، قالا له: يا رجل أين راح القبطان؟ فقال: لا أدري وأشار بيده اليمنى وإذ برق خاطف يخرج من الخاتم ويقتلهما ، فتعجب أبو صير من ذلك وجعل يلوم نفسه على أخذ ذلك الخاتم ؟ بعد قليل جاء القبطان فرأى كومة كبيرة من السّمك، وقربها غلامين مقتولين ،وما كاد يرى الخاتم في إصبع أبي صير، حتى فزع ،وصاح: إياك أن تحرّك يدك نحوي، فقد تقتلني بالسحر الذي في الخاتم !!!ولكن أخبرني عن هذا الخاتم ،من أين وصل إليك؟ قال: وجدته داخل هذه السمكة، أجاب القبطان، صدقت فلما أعطى الملك الإشارة بقتلك سقط منه ،رأيته نازلاً  في البحر يكاد البرق يتطاير منه ، ولكن هل تعرف خواص هذا الخاتم؟ قال أبو صير: لا أدري له خواصاً، قال القبطان: اعلم أن عسكر ملكنا ما أطاعوه إلا خوفاً من هذا الخاتم لأنّه مرصودٌ فإذا غضب الملك على أحدٍ وأراد قتله يشير به عليه فيموت، فإنّ البرق يخرج من هذا الخاتم ،فإذا أصاب أحدا عليه فيموت لوقته.

لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!