ابو صير وابو قير يحكى أنّ رجلين كانا في الإسكندرية ،وكان أحدهما صباغاً، واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا ،واسمه أبو صير
ابو صير وابو قير
يحكى أنّ رجلين كانا في الإسكندرية ،وكان أحدهما صباغاً، واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا ،واسمه أبو صير، وهما جارين في السّوق ،وكان أبو قير صانعا ماهرا لكنّه تعوّد على النّصب والاحتيال، و إذا أعطاه أحدٌ شيئا، ليصبغه له، يطلب منه الثمن مسبّقا ، فإذا أخذ المال، أنفقه على نفسه. ولمّا ينفذ ما عنده يبيع حاجة الزّبون ، ولا يأكل إلا طيباً من أفخر المأكول ولا يشرب إلا من أجود النّبيذ وكان دائما في محافل الزّهو والطرب، ، فإذا أتاه صاحب البضاعة يقول له : تعال غدا لي قبل طلوع الشّمس فتلقى حاجتك ، فيروح، ثم يأتيه في ثاني يوم ، فيقول له تعال في غدا لأنه أمس كان عندي ضيوف فقمت بواجبهم حتى راحوا ،و غدا تعال خذ قماشك مصبوغاً ،فيروح ويأتيه في ثالث يوم ،فيقول له إنّي كنت أمس معذوراً ،لأنّ زوجتي ولدت بالليل وطول النهار، وأنا أقضي مصالحها ،ولكن في الغد تعال ،وخذ حاجتك مصبوغة ،فيأتي الزّبون في الموعد ، فيطلع له بحيلةٍ أخرى ،ويحلف له على صدقه .
ثمّ أنّ الصّباغ لا يزال يعد الزبون حتى يقلق ،ويقول له: أعطني حاجتي فإني لا أريد صبغاً، فيقول والله يا أخي أنا مستحٍ منك ولكن أخبرك بالصحيح والله ينتقم ممّن يؤذي الناس في أمتعتهم، فيقول له أخبرني ماذا حصل فيجيب : أما حاجتك ،فأني صبغتها صبغاً ليس له نظيًرا ونشرتها على الحبل ،فسرقت ،ولا أدري من سرقها فإن كان صاحب الحاجة من أهل الخير ،يقول له يعوض الله عليّ، وإن كان من أهل الشّر يتخاصم معه ، ولا يحصل منه على شيء .ولم يزل على هذا السّلوك حتى شاع ذكره بين الناس، وصار الناس يحذّر بعضهم من أبي قير ويضربون به الأمثال ،وامتنعوا عنه جميعاً ،وصار لا يقع معه إلا الجاهل بحاله، ومع ذلك لا بدّ له كل يومٍ من خصومة مع خلق الله فحصل له كساد بهذا السّبب ،فصار يأتي إلى دكّان جاره الحلاق أبي صير ويقعد داخله قبالة المصبغة ،فإن رأى أحدٌ جاهلاً بحاله واقفاً على بابه شيءٌ يريد صبغه يقوم من دكّان الحلاق فيسأله عن حاجته ؟ فيقول له : خذ أصبغ لي هذا الشيء ،ويقول له هات الأجرة مسبقاً ،ثمّ يحتال عليه .
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇