ابو صير وابو قير يحكى أنّ رجلين كانا في الإسكندرية ،وكان أحدهما صباغاً، واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا ،واسمه أبو صير
الجزء الثامن والاخير
فلمّا سمع أبو قير هذا الكلام فرح فرحاً شديداً وقال للقبطان: ردني إلى المدينة، فرد عليه: ما بقيت أخاف عليك من الملك ،فإنه تحت رحمتك هو وجميع عسكره فإنّك تقتلهم دون جهد لو أردت، ثم أنزله في الزورق وتوجه به إلى المدينة، بعد قليل وصلا إلى قصر الملك، دخلا الدّيوان وكان الملك جالساً والعسكر بين يديه وهو في غمٍ عظيمٍ من شأن الخاتم ولم يقدر أن يخبر أحد بضياعه ،فلما رآى الملك أبا صير واقفا قدامه قال له : ويحك !!! أما رميناك في البحر كيف فعلت حتى خرجت منه؟ فقال له: يا ملك الزمان لما أمرت برميي في البحر أخذني قبطانك وسار بي إلى جزيرةٍ وسألني عن سبب غضبك علي فقلت له: والله ما أعلم أني عملت معه شيئاً قبيحاً فقال لي: إن لك مقاماً عظيماً عند الملك فلعل أحداً حسدك ورمى فيك كلاماً عند الملك حتى غضب عليك
ثم حط في الزورق حجراً عوضاً عني ورماه في البحر ، وكنت أنا في الجزيرة اصطاد السمك فطلعت تلك السّمكة في جملة السمكات فأخذتها وأردت أن أشويها فلمّا فتحت جوفها رأيت خاتما فيه فأخذته وجعلته في ثم أتى القبطان فعرف خاتمك، وأخبرني أنه مسحور فأتيت به إليك لأنك عملت معي معروفا وأكرمتني غاية الإكرام وما عملته معي من الجميل لم يضع عندي، وهذا خاتمك فخذه وإن كنت فعلت معك شيئاً يوجب القتل فعرّفني بذنبي ،واقتلني، وأنت بريئ من دمي. !!! ثم خلع الخاتم من إصبعه وناوله للملك فلما رأى ما فعل أبو صير من الإحسان أخذ الخاتم منه ،ولبسه، فردّت له روحه، ووقف، واعتنق أبا صير وقال: أنت يا رجل من أولاد الحلال فلا تؤاخذني عما صدر مني في حقك فقال: يا ملك الزّمان بالله عليك خبّرني بالذّنب الذي أوجب غضبك ،ي حتى أمرت بقتلي ؟ فقال له: إعلم أنّه ليس لك ذنبٌ في شيءٍ حيث فعلت هذا الجميل ،وإنّما الصّباغ قال لي :كذا وكذا ، فأجابه أبو صير: والله يا ملك الزمان أنا لا أعرف ملك النصارى ولا عمري رحت لبلادهم، ولا خطر ببالي أني أقتلك ولكن هذا الصّباغ كان رفيقي وجاري في مدينة الإسكندريّة ،وضاق بنا العيش هناك، فخرجنا منها ، وجرى لي معه كذا وكذا وأخبره بجميع ما حصل له مع أبي قير الصّباغ وكيف أخذ دراهمه وتركه ضعيفاً في الخان، وأنّ البواب كان ينفق عليه وهو مريض حتى شفاه الله تم طلع وسرح في المدينة فبينما هو في الطريق إذا رأى مصبغة عليها ازدحام ،فرأى أبا قير جالساً على مصطبة هناك فدخل ليسلم عليه فوقع منه ما وقع من الضرب والإساءة وادعى عليه أنه حرامي وضربه ضرباً مؤلماً وأخبر الملك بجميع ما جرى من أوّله إلى آخره.
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇