كان يا مكان في سالف العصر والأوان راعي فقير كلّ ما يملكه أربع عنزات ،وكانت إمرأته تحلبها كل يوم و تصنع منها جبنا تبيعها في السّوق .
رواية برهان وحسناء وادي الياقوت
#برهان_وحسناء_وادي_الياقوت
الجزء الخامس
الأرملة السّوداء (الحلقة 5 )
مضى الوقت ببطئ، و بدأ برهان الدين يحسّ بالملل ،فقال في نفسه: سأتجوّل قليلا في هذا المكان الغريب، ولن أبتعد كثيرا من هنا ،لكي لا أضيع في هذه الغابة . كلّما تقدّم إكتشف شيئا عجيبا،رأى نباتات الفطر في علوّ شجرة صغيرة، وتكفي لإطعام عشرة رجال،وحبة توت في حجم برتقالة، وكان يسمع رفرفة أجنحة الفراشات ،ودبيب أرجل النّمل ،وزحف الحلزون .وأصوات اخرى لم يقدر أن يميّزها .
كانت الغابة مليئة الورود والنباتات العطرية المختلفة الألوان ،تسللت رائحتها العطرة إلى أنفه، و أسكرته ،أحسّ بإنتعاش روحه أمام هذه الطبيعة البكر فلقد كانت رائعة بشكل لا يوصف ،أعجبه كل هذا الجمال ،وتسائل :لماذا يبدو هذا المكان مختلفا عن بقية الغابة ؟
لا بدّ أن أسئل تلك الجارية وأعرف السرّ، كان الأمير غارقا في أفكاره ،ونسى تحذير قمر الزمان بعدم الإبتعاد عن حافة الجبل ،وإنتظار عودتها،و فجأة سمع صياحا ،وبدأت الأرض ترتجّ تحت قدميه ،ومن بعيد شاهد الأغوال تجري نحوه وهي تلوّح بعصيّها وهراواتها ،وكان على رأسهم الغول ميسرة ،وصرخ : لا تتركوه يهرب ،فلا أفهم كيف نجى من الضّفادع السّامة التي تفترس كل من يدخل إلى هذه الغابة من الناس !!! ندم برهان الدين على تهوّره ،وجرى بكلّ قوة ، نظر وراءه ،وعرف أنّ الأغوال ستلحقه ،وهو هالك لا محالة .
لكن في هذه اللحظة رأى غارا صغيرا ،فدخله ،توقّف ميسرة ومن معه عن ملاحقته، وقال: لقد وقع هذا الغبي في الفخّ، فهو لا يدري أنّ عنكبوتة الأرملة السّوداء تسكن هذا الغار ،وستقبض عليه ،وتمتص أحشائه ،سيكون موته فظيعا، أخذ الأغوال حجرا كبيرا، وسدّوا به المدخل ثم إنصرفوا في حال سبيلهم .
لمّا قابل ميسرة قمر الزمان روى لها أنّهم طاردوا رجلا من الإنس ،وتمكن من الهرب ،لكنه دخل جحر العنكبوتة المخيفة ،وهو الآن محبوس معها ، ثم ضحك وقال : سيصبح طعاما لها ،من المؤسف أنّها لن تترك لنا منه إلا الجلد والعظم . حزنت الجارية على برهان الدين، لكنها أخفت مشاعرها ،وسألته : من قال لك أنه لا يوجد للغار منفذ آخر؟ هل فكرت في هذا يا وزيري ؟
أحسّ الغول بالضّيق ،وأجاب :الحقيقة لم أنتبه لذلك، لكني سأذهب على الفور إلى هناك !!! أجابت : أرى أنّك تعبت اليوم ، وأنا أعرف كيف أجازيك ،سآمر الطّباخ أن يعدّ لك خنزيرا بالزبّدة وسأعطيك جرّة خمر معتقة !!! لكن قبل كلّ شيء قل لي أين يقع الغار ؟
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 🌹