كان يا مكان في سالف العصر والأوان راعي فقير كلّ ما يملكه أربع عنزات ،وكانت إمرأته تحلبها كل يوم و تصنع منها جبنا تبيعها في السّوق .
رواية برهان وحسناء وادي الياقوت
#برهان_وحسناء_وادي_الياقوت
الجزء الثالث
احتارت مريم أمّ قمر الزّمان فيما يجب فعله بكل ذلك المال ،و قالت في نفسها : سأشترى قطيعا كبيرا من الأبقار والأغنام وسأجعل من يرعاها، وسأصنع أنا جبني وأبيعه . لكن فكّرت أنّه رغم ذلك سيبقى معها الكثير، وهو يزيد عن حاجة القرية بل كل القرى حولها ، حتّى ولو تصدّقت، وساعدت كلّ المحتاجين. تذكّرت الخصلة و ورقة الشّجر اللتان كانتا مع الجواهر، وقالت: قد يكون السّر هناك، لا بدّ أن أرى السّاحرة نسيمة ،لقد كانت أمّي تقصدها ، ومن قبلها جدّتي إذا ضاقت بهما الحال.
في الصّباح ذهبت إليها ،كانت نسيمة عجوز لا يعرف أحد عمرها و، تعيش على النبات ،والثمار ،لقد أفقدتها السنون بصرها ،لكنها تعرف كل من يأتيها،
يكفيها أن تسمع صوته . عندما دخلت مريم ،همت أن تتكلم ،لكن قالت لها الساحرة : هل جئت للسّؤال عن ابنتك ؟ أجابتها : نعم ،وسأقصّ عليك شيئا عجيبا حصل معي البارحة، وأريد أن تقولين لي ما الذي يجب عليّ القيام به ؟ لقد جاءني أحد الأقزام، بصرّة جواهر، و فيها أيضا خصلة من شعرها، و ورقة شجر ،فهل يعني ذلك شيئا ؟
سمعت نسيمة الحكاية ، ثم ابتسمت وقالت :أما الخصلة فهي تقول لك أنها بخير. وأمّا المال فخذي منه حاجتك، ثمّ أحسني للفقير وأطعمي الجائع، أمّا ورقة الشجر فهي أن تزرعي الأشجار حول الغابة ، وتلقي رزقا للحيوانات و للعصافير . لو رجعت الغابة كما كانت زمان، سينتشر الرّخاء في قراكم وينتهي الجفاف والجوع، ولن تقترب منكم الغيلان والوحوش .
إسمعي يا مريم !!! ابنتك تحبّ الخير والحياة، وتسعى لإصلاح شأن الغابة ، لكنّها لن تتمكّن من ذلك إن لم يغيّر النّاس ما في نفوسهم !!! قدر قمر الزّمان هو أن تبني عالما أفضل لكلّ من يعيش في هذه البريّة من مخلوقات .ويوما ستصبح ملكة كلّ الغابة المسحورة، وما حولها من القرى ،وسيكون لها شأن عظيم . وأنت من سيساعدها .سألتها بدهشة :هل أخبرتك الجن بكلّ هذا ذلك ؟ أجابت: لا ، فنحن المسنّون نعرف أنّ تلك الجواهر توجد في وادي الياقوت ،وهو مكان غريب يختفي في الغابة الممتدة على هذا الجبل، ويقال أنّ الحياة في ذلك الوادي بقيت كما هي لم تتغير.
الغيلان و الأقزام هم من بقايا الزّمن الأول ،والأشجار هناك أكبر حجما وكذلك الهوام ،كل ما هناك غريب .تعجّبت مريم، وقالت لها : كيف تكونين متأكّدة ،ولم يسبق أن ذهب أحد لذلك المكان ؟
ابتسمت العجوز ،وأجابت : منذ زمن بعيد حملت لنا الرّياح القويّة فراشة كبيرة وقعت قرب القرية ،لم يكن لها مثيل في جمالها وعظم خلقتها ،ومرّة رأينا ورقة توت في طول إنسان ،فاستنتجنا أن الغيلان تسكن ذلك المكان، وفي البداية كانت تضع لنا ياقوتا على صخرة قرب القرية ،ونحن نعطيها خبزا وخضار ولحما ،وعرفنا أن واديهم مليء بالياقوت والجواهر. لكن في أحد الأيام سمع تاجر من المدينة بأمر الياقوت فنصب فخّا لأحد الغيلان ،وعذّبه مع عبيده ليقول له عن مكان الوادي ،لكن الغول لم يقل شيئا فأشعلوا فيه النار وأحرقوه ،وفسدت علاقتنا معها ،وأصبحت تأخذ ما تريده بالقوة، وتفتك بمن تعترض سبيله.
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 🌹