قصة كاملة يحكى عن إمراة فقيرة توفّى زوجها وترك لها ثلاثة بنات صغيرات
عندما إنصرف الشيخ ذهبت حليمة للمطبخ ،ولما دخلت تعجبت من الخيرات الموجودة هناك فلقد كانت هناك جرار فخارية مليئة بالكسكسي والزيت والزبدة والجبن عل أنواعه فبدأت تذوق من كل شيئ ،وتمنت لو كانت أمها معها ،ثم قطعت اللحم وطبخته بالخضار ولما نضج أخذت صينية وضعت فيها صحنين من الطعام ومعهما الخبز ،ونبيذ العسل ،أما هي فلم تأكل لأنها شبعت من الجبن ،ثم دخلت غرفتها وأخذت قطعة قماش وبدأت تطرزها وهي تغنيّ :
أين أنت يا أمّي وأخواتي
كم فراقكم صعب
كنا فقراء وحياتنا تعب
لكننا معا سعداء
نمضي يومنا بين لهو ولعب
لكن فجأة توقفت عن الغناء ،وخيّل إليها أنّها تسمع صوت أقدام ثقيلة ،فجرت إلى الباب وألصقت أذنها ،كان هناك شخص يمشي في
الرّواق ،ثم سمعت صوت مفتاح يدور في أحد الأقفال ،وصرير مزعج صادر عن باب قديم ،ثم خطوات وهي تنزل ،ثم توقّف كل شيئ ،رجعت البنت إلى مقعدها ،وحاولت أن تكمل تطريز قطعة القماش التي في يديها ،لكن لم تقدر ،وتساءلت :من هي صاحبة هذه الأقدام ،وأين
ذهبت ،ما هو ماكّد أنّ أحد هذه الأبواب الكثيرة يقود إلى دهليز تحت الأرض ،وأحسّت بالخوف لمّا جال بخاطرها أنّ أختاها سجينتين في مكان مظلم ،وقالت في نفسها : لا بدّ أن أحتال لأدخل لذلك الدّهليز ،دون أن يتفطّن أحد .
في الصّباح قامت باكرا ،وتظاهرت أنّها تنظّف القصر وتنظر للغرف المغلقة ،وكانت الأبواب كلّها متشابهة ،وواحد منها فقط يأدّي للجزء السّفلي ،لكن كيف ستعرفه ؟ وطبعا لن تغامر بفتح الغرف، فلا تدري ماذا ينتظرها في هذا المكان المخيف ،ثمّ ذهبت إلى المطبخ ولاحظت أنّ أحد الصّحنين فارغ لم يبق فيه لا لحم ولا عظم، أمّا الآخر فلم ينقص منه إلا شيء يسير، فقالت في نفسها : ترى من هو هذا الشّخص الذي يرفض أن
يأكل ؟ ولماذا كل هذا الحذر والحرص ؟ هناك سرّ هنا ،ولا بدّ أن أكتشفه !!! وعلي ّ أن أسرع ،فأنا لا أرتاح لما يحصل ،وقد يكون شيئا فضيعا !!! ثم رتّبت كل شيئ، بعد ذلك جلست على الطاولة في البهو الكبير لتواصل تعلم أنواع الأعشاب ،فلقد أعجبها ذلك ،ووجدته مسلّيا .
وبينما هي كذلك دخل الشّيخ ،ولما رأى أنّ كلّ شيئ مرتّبا ونظيفا شكرها ،وقال لها: ستعطيك صاحبة القصر مكافئة على إخلاصك ،فإلى حد الآن لم نجد أحدا مثلك وكل من أتينا بهم إلى هنا يتدخلون فيما لا يعنيهم ،والآن ستجمعين الأعشاب في قراطيس وتكتبين عليها أسماءها .أمضيا النّهار في العمل ،وكلّما سألته عن إخوتها تهرّب من الإجابة ،وفي النهاية ظهر عليه الانفعال ،و صاح من لا يسمع الكلام يعاقب ،وأنت هنا في نعمة يحسدك عليها الناس فلا تفسدي ذلك ،هل
فهمت ؟ فحرّكت رأسها بالإيجاب ،فردّ عليها هكذا أفضل ،وسيأتي يوم تشكريني فيه على صنيعي معك ،وعند الغروب إنصرف كعادته ،فذهبت إلى المطبخ وطبخت كوارع عجل ،وبعدما أكلت حتى شبعت كوّمت اللحم في أحد الصّحنين وزادته الملح،ثمّ صبّت قليلا من الدّقيق على أرضيّة المطبخ .
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇