رواية الحداد أغاغول وثعبان السموم كاملة
رواية الحداد أغاغول وثعبان السموم الحلقه الثالثه
اندفع عدد كبير منهم يتصارعون عليه.
قال أغاغول: إذن فهكذا أصبتم بالجنون من ينجو منكم ويعبر الوادي؟ والله لن أتركك يا ملك الشياطين حتى أخرج من هنا سالما بإذن الله.
وأخذ يدفع الملك أمامه خطوة بخطوة والشياطين الأخرى تتبعه عاجزة حتى وصل لنهاية الوادي فوقفت جميعا عاجزة وبدا الذعر في وجه وصوت الملك المذعور وهو يقول: ألا يكفي هذا؟
قال أغاغول بصرامة: تقدم.
قال الملك: أتوسل إليك. لو أنني تقدمت فسأهلك معك. أنت تريد الاستمرار هذا شأنك, لكن يوجد في نهاية الوادي وحش شرير مريع لا ينجو منه إنس أو جن أو شيطان. حاول أن تقتله أنت أو تهرب منه كما تشاء لكننا نحن الشياطين لا نقدر على ذلك.
فكر أغاغول قليلا ثم قال للشياطين الأخرى التي تتبعه: ارجعوا أنتم وابتعدوا
فأسرعوا يهربون كأنما نار الجحيم تطاردهم ولما غابوا عن نظره أطلق ملك الشياطين الذي أسرع يعدو هاربا هو الآخر ثم توقف وهتف: أيها الأنسي الشجاع! اضرب الوحش في عينيه إذا اقترب منك وجهه فهذا سبيل نجاتك.
ثم أسرع يكمل عدوه نحو الجهة الأخرى من الوادي فاندفع أغاغول بدوره يعدو نحو النهاية.
وهنا وجد شجرة كبيرة جدا تسد الطريق فتقدم زاحفا يحاول أن يمر من أسفلها فإذا به يجد أنها ليست شجرة.
كانت لحية مارد مهول نائم على فم الوادي.
نهض المارد العملاق لترتفع رأسه لعنان السماء قدمه في حجم أضخم الأشجار التي رآها أغاغول في حياته أو أكبر. ويمسك بعصا غليظة بدت لأغاغول في طول سارية مركب من أضخم سفن أسطول الملك.
ثم أحنى العملاق رأسه لينظر بوجهه القبيح لأغاغول ويقول: من هنا؟
قال أغاغول وجسده يهتز من دوي صوت المارد: السلام عليكم. أنا حداد بسيط كنت أعبر الوادي فطاردتني الشياطين وهربت منهم. أرجو أن تسمح لي يا سيدي بالعبور.
هنا انحنى المارد حتى أصبحت أنفه ملاصقة للأرض ليحدق بعينيه في أغاغول الذي فكر أنه لو أطلق سيفه الآن فسيعمي عيني العملاق كما نصحه ملك الشياطين ثم يستطيع التسلل من بين يديه وينجو مبتعدا.
لكنه عاد وفكر كم في هذا من ظلم. لقد انتظر العملاق حتى يتثبت من أمره ويعرف من هو. وتذكر الآية الكريمة (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وعيب عليه إن ابتدر بالهجوم قبل أن يتبين أمر العملاق حتى لو كان ثمن المخاطرة شديدا.
تشمم المارد رائحة أغاغول بقوة حتى أن الأخير أحس أن شهيقه سيجذبه لأعماق صدر المارد.
ثم قال المارد: رائحتك كالبشر, لكن البشر لا يحاولون عبور هذا الوادي ليلا؟
قال أغاغول: اضطررت لهذا. كان وعد قطعته على نفسي وأنت يا سيدي الكريم خير من يعرف أن وعد الحر دين عليه.
هز المارد رأسه موافقا ثم قال: لكن القلة التي رأيتها من البشر تعبر الوادي في النهار كانوا لا يصلون إليّ إلا مجانين مساكين وأنت تحتفظ بعقلك.
قال أغاغول وهو يتحفز بسيفه (لأنه حتى وإن بدا المارد ودودا فإن الحذر ينفع ولا يضر): أغروني بالذهب ليذهب عقلي لكني فطنت أنه لا نفع في شيء يأتي من الشياطين.فضحك المارد ضحكة شنيعة دفع زفيرها أغاغول للخلف وقال: هذا صحيح, ليتني كنت في فطنتك. أول مرة أتيت فيها لهذا الوادي منذ ثلاثمائة عام
تقربوا لي وتوددوا وأهدوني حذاءا. لعلك تدرك مدى عظم تلك الهدية عندنا معشر المردة. فليس من السهل على من في مثل حجمي أن يجد حذاءا يناسبه ولا على من يملك يدان غليظتان كيداي أن يصنع واحدا. لكن ما أن ارتديت الحذاء حتى اكتشفت أنه مسحور ملعون. لو خطوت به خطوة فإنه لا يتوقف أبدا حتى أبتعد عن
أرضهم ولو وقفت به خارج حدودها فإنه يتوقف أبدا ولا يتحرك ويتشبث بقدمي لا يريد أن يخلع. أخذ الأمر مني خمسون عاما لكي أستطيع العودة للوادي سائرا مقلوبا على يداي لأقف على فمه فأحبسهم فيه وأدفع أذاهم عن باقي الناس رغم أن سحر الحذاء اللعين يمنعني من أن أقتحم أرضهم.
ثم نهض العملاق مرة أخرى وقال: حسنا يا ابن آدم. أنت ضيفي اليوم. سأطعمك غذاءا لم تذق مثله أبدا فأنا خير من يطهو جذور الكافور, ليس كل يوم أقابل شجاع من الأنس غلب الشياطين.
قال أغاغول: أشكرك سيدي لدعوتك الكريمة ولكني ملزم بعهدي أن أخرج من هذا الوادي قبل طلوع الفجر, يمكنني أن آتي لك وأزورك وأحاول أن أفك عنك قيدك المسحور في وقت لاحق.
ابتسم العملاق قائلا: لا أظن أنك ستعود لي يا عزيزي.
قال أغاغول: ولم لا يا سيدي؟ سآتي من هذه النهاية للوادي لأزورك مباشرة دون المرور بباقي أخطاره.
قال العملاق: لن ينفعك هذا. أنا دوما في نهاية الوادي. لو أتيت من تلك الجهة فستمكر بكل ما مررت به الآن بنفس الترتيب فهذا ليس واديا عاديا. لافارق بين هذا المدخل أو ذاك. ولهذا فائدة فهكذا استطعت حبس الشياطين فيه لا يخرجون منه.
شعر أغاغول بالحرج ثم قال لنفسه(لو أردت أن أنضم للغيلان الحمر الذين يرفعون الشجاعة فوق أي شيء آخر فلن أفلح إن جبنت عن زيارة هذا المارد الطيب.)
فقال للمارد: أعدك يا سيدي أنني إن نجحت في مهمتي ونجوت من ثعبان السموم فسآتي لزيارتك مرة أخرى..
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇