close
قصص وعبر

رواية الحداد أغاغول وثعبان السموم كاملة

نظر له الأمير بفضول وقد حمت في قلبه حمى حب المخاطرة والمنافسة فسأل متصنعا عدم الاكتراث : ماذا تعني بباقي الجسد؟

قال الحداد : يا مولاي الجسد ذراعين وقدمين وبدن وصدر ورأس فلكي تثبت قوتك عليك أن تغلبني في الخمسة وقد غلبتني في نزال الذراعين فحسب.

قال الأمير مندهشا : وكيف أثبت قوتي في الأربع الباقية؟

قال الحداد : أما القدمين فأمرهما بسيط. لنتسابق الآن وأسرعنا في اجتياز طرقات القصر هو الأقوى

فاندفع الاثنين بأقصى ما يمكنهما من سرعة على أن الأمير رغم ثقل جسده كان قوي البنيان معتادا على الرياضة فسبق الحداد
وأحس بلذة النصر الجديد في فمه فسأل الحداد بلهفة: أرني حرب البدن!

قال الحداد: الأمر بسيط فحرب البدن فيما تجيده البدن ألا وهو الطعام, لنر من منا أقدر على احتمال طعام غيره.

وابتسم الأمير ساخرا متصورا أن هذا أهون النزالات التي دخلها في حياته حتى أنه فكر في نبذه مستكبرا لولا أنه بالفعل وافق الحداد على خمسة نزالات

لكن الأمر لم يكن كما تصور. فقد أصبح عليه أن يأكل شظف العيش الذي يحيا عليه الحداد من ملح وخبز يابس وماء وبعض الفول.
أما الحداد فنزاله أن يحيا حياة الأمير المرفهة فيأكل أطايب الطعام ولحم الغزلان

والمهزوم من يتخلى عن هذا الطعام أولا

وحتما كان هذا أشق نزال مر به الأمير. أسبوع كامل لا يأكل إلا أدنى الطعام بينما أمامه الحداد غارق في الملذات التي كانت له, وحارب بشدة يبغي الصمود لا يصدق أن تكون معدته أضعف من معدة حداد حقير.

ولكن حينما بلغ به الضيق مبلغه وأصبح قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة أعلن الحداد أنه أصيب بألم في معدته وأن طعام الأمير كالسم الحار يكوي جسده رغم أنه لذيذ على اللسان لكنها لذة تتبعها سكرة الألم والمرض

وأتى النصر للأمير بين شفتي الهزيمة فمنحه هذا روحا متحمسة للإكمال (ولو أنه أصبح متشككا في طعامه من بعدها ولم يعد يأكل من يومها ما كان يأكله من قبلها)

قال الأمير وهو يتحسس بطنه بفخر! : هيا أيها الحداد أخبرني كيف يتصارع الصدران؟
قال الحداد: وماذا يفعل الصدر؟ يستنشق الهواء. فأما ما يريحه هو هواء الوديان ونسيم البحار وأما ما يرهقه ويجلب التعب والعسر فهو استنشاق الدخان. أقوانا صدرا هو الذي يحتمل الدخان الكثيف مدة أطول من غيره لا يسقط خلالها مختنقا أو يهرب للهواء طالبا.

واختار الحداد حطب الورد المندى لأنه يخرج دخانا كثيفا لكنه غير مؤذ كما زعم فعمد الأمير إلى حديقة الورد الثمين في بساتينه فاقتلعها وكدس حطبها في زنزانة حجرية أسفل القصر لا يكاد يدخلها الهواء وحبس نفسه مع الحداد فيها وأشعل النار في الحطب.

وانطلق الدخان الكثيف يملأ المكان وهما يكتمان أنفاسهما بأقصى ما يستطيعان ليتجنبا الدخان الحار الكثيف.

ومرة أخرى بدا أن الحداد سينتصر. فعمله كحداد جعله معتادا على دخان الحطب ونفخ الكير والحرارة العالية للنار المتأججة.

وازرق وجه الأمير وهو متشبث بمكانه حتى كاد يهلك لكنه تمسك بأقدامه لا يريد خسران النزال
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!