حكم استاذان الزوج زوجته في الخروج من المنزل

طالبت الدكتورة سماح عزب، أستاذة التفسير في كلية الدراسات الإسلامية للبنات في القاهرة- جامعة الأزهر، بتغيير الأعراف والثقافة الاجتماعية التمييزية للرجال ضد النساء منذ الصغر، حيث يعطي المجتمع بأعرافه الظالمة حقوقاً للأزواج وينتقصها من الزوجات، وقد جعلوا هذا العرف ديناً في حين يتم تهميش الأحكام الصحيحة، فهناك من ينتقون الأحكام وفق أهوائهم الشخصية، وقال الله فيهم: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» (آية 23) سورة «الجاثية».
وأشارت الدكتورة سماح إلى أن استئذان الزوج زوجته للخروج من بيت الزوجية ليس انتقاصاً من قدره وقيمته عندها، بل العكس هو الصحيح، لأن في هذا الاستئذان الراقي احتراماً لنفسه، وتقديراً لها كشريكة حياة، لأن بيت الزوجية ليس مجرد «فندق» يخرج منه الزوج حين يريد ويعود اليه ساعة يشاء بدون أن تعرف الزوجة عنه شيئاً، ولهذا فإن الزوج الذي يخرج بلا استئذان لا يحترم نفسه ولا شريكة حياته، وبالتالي يخالف تعاليم الإسلام التي أمرت الأزواج بالمعاشرة بالمعروف، حتى وإن لم يكن هناك حب من الزوج لزوجته؛ فقال الله تعالى: «… وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (آية 19) سورة «النساء».
وأنهت الدكتورة سماح كلامها، داعيةً الأزواج إلى قراءة السيرة النبوية وعلاقة الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) بزوجاته، واتخاذه قدوة ومثلاً أعلى لهم، لأن هذا أمر إلهي ولا يتم وفق المزاج الشخصي، لقول الله تعالى: «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» (آية 21) سورة «الأحزاب».
المنع والنصح
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، أن الإسلام كرّم الإنسان بصرف النظر عن دينه أو جنسه أو لونه أو لغته، لأنه منحه العقل والتكليف الشرعي والحساب على الأعمال دون بقية المخلوقات، فقال الله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» (آية 70) سورة «الإسراء».
وأضاف: «من الأمور المتعلقة بهذا التكريم أن يكون الإنسان متحضراً ومتعقلاً وحكيماً في علاقته بالبشر جميعاً، خاصة أهل بيته وفي مقدمهم زوجته، من خلال إخبارها بأنه سيخرج من بيته ويذهب إلى مكان معين أو مقابلة شخص ما، وإن شاء الله سيعود إلى البيت حوالى الساعة…، فهذا هو الأمر الطبيعي بين الأزواج والزوجات ذوي الفطرة السوية، وكما يحب أن تخبره زوجته بأي مكان تذهب إليه بعد استئذانه، فلا مانع من أن يتم ذلك أيضاً بدون عصبية ممقوتة، فهذا ليس انتقاصاً من رجولته، بل تأكيد لها بأنه يتقي الله في أهل بيته ويعاملهم بالحسنى».
وأوضح الدكتور عمر هاشم، أن استئذان الزوج لزوجته للخروج من بيت الزوجية هو نوع من الإخبار للعلم، وليس من حق زوجته أن تمنعه من الخروج، طالما كان خروجه لمصلحة أو سعياً للرزق، في حين أن من حقها منعه – من خلال النصح – إذا كان خروجه لمعصية أو لتضييع للوقت في ما لا يفيد، وهذا الاستئذان الزوجي يدخل في باب الأمر الإلهي بالتشاور، حين قال الله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ على اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (آية 159) سورة «آل عمران».
المشورة :
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 🌹