close
قصص وعبر

رواية قرن فضة وقرن ذهب

زاد تعجبه من فصاحتها وجلسا على مقعد وأخذ يستمع إليها وقد راق له حسن منطقها وظرفها ولما أرادت الانصراف لم يطق صبرا على فراقها وقال : أين أذهب إذا أردت خطبتك من أبيك ؟

ردت عليه إلى السلطان فهو أعلم الناس بقدري ومقامي قام الأمير من حينه وقصد أباه في مجلسه إستأذن ثم دخل وقد ظهرت على وجهه الحيرة

سأله أبوه ما بك كأنك تريد أن تقول لي شيئا هيا أفصح عما في نفسك يا بني ولا تترك الغم يستولي عليك

مد من جيبه منديل البنت ووضعه على صدره ثم قال :لقد أحببت من رمته لي من أول نظرة وملكت قلبي وجوارحي لعلك تعرف صاحبته فقد طلبت مني أن أجيئ إليك وحدثه بما كان من أمرها

أخذ السلطان المنديل فإذا فيه رسوم مطرزة بطريقة بديعة وقال في نفسه :كأن القدر ساقني إلى ذلك الكوخ لأعثر على زوجة كاملة الأوصاف لإبني

قال للأمير : إنهاا ليست من بنات الملوك لكن لها همتهم وليست من بنات الأغنياء لكن لها غنى النفس وليست من بنات الأشراف لكن لها شرف العقل فهل ترغب فيها ؟

أجاب الأمير : لا أريد سواها يا أبي وسأمرض إن لم تكن من نصيبي

سمع السلطان من الأمير انه يريد الزواج من البنت حتى صفق السلطان وأتاه الحاجب وقال امر مولاي طلب منه أن يحضر البنت الصغرى سكينة وجدتها بعد قليل جاءتا وجلستا

قال السلطان: للعجوز : أطلب منك يد إبنتك للأمير فخر الدين فماذا تريدين مهرا لها ؟

لكن لم تكن العجوز تفهم ما يدور حولها فلقد عاشت طول عمرها في كوخ صغير ترعى عنزاتها ولم تر سوى الفقراء لذلك قالت للسلطان بإستحياء: عشرون عنزة أرجو أن لا يكون هذا كثيرا على سيدي

ضحك السلطان وقال : بل مائة عنزة ومثلها من الغنم والبقر والإبل والخيل وهذا ليس كثير على حفيدتك سكينة

دهشت العجوز التي أصبحت بين عشية وضحاها من أغنياء القوم و إتفقوا أن يكون الزّواج بعد أسبوع

نادى المنادي في الأسواق وسمع الناس بجمال وحكمة أميرتهم فإبتهجوا وبدأوا بتزيين المدينة والإستعداد للأفراح. أما أختاها فلما بلغهما الخبر لم تصدقا وعندما تأكدتا من الأمر بنفسيهما أصابهما الحقد على أختهما الصغرى التي كانا يسخران منها طوال الوقت

بعد بضعة اشهر حملت سكينة فغارت منها أخواتها

وعندما حان موعد وضعها ولدت غلاما و بنتا مثل القمر فاحبهما الأمير فخر الدين ووضع في رقبة الغلام قلادة فيها قرن فضة والبنت قلادة فيها قرن ذهب

لم تعد الأختان تطيقان سعادة أختهما الصغرى وتأمرتا معا لبث الخصومة بينها وبين زوجها وإتّفقتا على خطف أبنائها ورميهم في الواد لكن الأمير لم يكن يغفل عنهما.

وذات يوم وقعت الحرب مع المملكة المجاورة فقرر الذهاب مع والده للمعركة ووجدت الأختان الفرصة لمغافلة سكينة وخطفتا الغلام والبنت Lehcen Tetouani

و كان هناك واد يمر قرب القصر فقررتا رميهما هناك ليغرقا وقالت أحدهما للأخرى قريبا يموتان ونرتاح منهما وعندما يأتي الأمير ويكتشف عظامهما سيطلقها وتعود ذليلة كما كانت

لمّا وصلتا هناك ألقتا بالصبيين ثم انصرفتا لكن الماء كان قويا فجرفهما وكادا يغرقان لكن صادفهما جذع شجرة فتعلقا به ومر عليهم الليل وهما على هذه الحالة .

وفي أحد المنعطفات اصدم الجذع بحافة الوادي وتوقف فخرج الغلام وأخته من الماء وهما يرتجفان و جلسا تحت شجرة وبدآ يبكيان وكان هناك صياد عجوز يتّ

بع ظبية وعندما صوب إليها قوسه سمع البكاء

خاف الرجل وصاح من هنا فلقد سمع كثيرا عن خبر الجن الذين يسكنون الغابة تشجع وتقدم قليلا فشاهد غلاما وجارية ملتصقين ببعضهما وقد إصفر لونهما من الجوع والصقيع

لما رأهما على هذه الحالة أشعل نارا وأخرج من جرابه أرنبا بريا كان قد إصطاده فسلخه وشواه لهما وأعطاهما خبزا وزيت زيتون فأكل الصبيان حتى شبعا

ودبت فيهما الحياة من جديد وأركبهما على جواده وحملهما معه إلى داره والدنيا لا تسعه من الفرحة فالله لم يرزقه بأبناء قال في نفسه سأربيهما وأجد من يأنس وحدتنا أنا وزوجتي
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!