close
معلومات دينية

من الصحابي الذى قال عنه النبي يمشي وحده سيموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده ؟ ولماذا

حين فشلت سياسة الترهيب وفشلت بعدها سياسة الترغيب، أرسل معاوية شاكياً لعثمان يحذره من تفجير أبي ذر للفتنة في الشام، ولأن كلمة (الفتنة) كانت ولا زالت وستظل ذات مفعول سحري على ولاة الأمور، فقد تجاوب عثمان على وجه السرعة مع شكوى واليه، وطلب منه أن يرسل إليه أبا ذر على وجه السرعة، فأرسله معاوية على بغلة عجفاء حطّاً من شأنه كما تقول بعض الروايات، لكنه في الوقت نفسه حاول تشويه سمعته بوضع متاع كثير على الدواب المصاحبة له ليقول الناس لبعضهم: “انظروا إلى هذا الزاهد وما يملكه من متاع كثير”، مع أن تلك الدواب لم يكن عليها ما يسمن أو يغني.
حين علم عثمان بإهانة معاوية لأبي ذر ذهب إليه يسترضيه، لكن أبا ذر لم يكن مشغولاً بمشاعره الشخصية، بقدر ما كان مهموماً بما رآه من غلبة الترف على كثير من أهل المدينة، حتى أن بيوت الأغنياء الفخمة بمعايير ذلك الزمان انتشرت وتوغلت فبلغت منطقة (جبل سلع)، وهو ما يقول البعض إنه ذكّر أبا ذر بنبوءة كان قد قالها الرسول عليه الصلاة والسلام في أحد أحاديثه التنبؤية أو التحذيرية، التي قال فيها إنه لن يكون راضياً عن المسلمين إذا حدث ذلك، ومع أن رواية كهذه يرجح أن تكون قد تم وضعها من بعض الذين لم يعجبهم الوضع القائم، فقرروا نسبة سخطهم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن الله قال على لسانه في القرآن الكريم “ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء”، إلا أن الثابت أن أبا ذر لم يعجبه ما رآه، فأخذ يطوف في شوارع المدينة وأسواقها محذراً من عواقب ما يراه وقائلاً للناس بأعلى صوته: ” بشّر أهل المدينة بغارة شعواء وحرب مذكار”.
لم يمر الكثير من الوقت حتى اصطدم أبو ذر بكعب الأحبار من جديد في حضور عثمان، بسبب تعليق أبي ذر على الثروة التي جمعها عبد الرحمن بن عوف الزهري، ليتطور الخلاف بينهما إلى قيام أبي ذر بضرب كعب الأحبار على رأسه، ليسترضي عثمان خاطر كعب الأحبار، بأن يطلب من أبي ذر أن يواري عنه وجهه، ودارت مداولات حول المكان الذي يجب أن يتوجه إليه أبا ذر بعيداً عن المدينة، خاصة بعد أن منعه عثمان من الذهاب إلى مكة، لكي لا يحدث فيها أزمات أكثر خطورة، ولم يؤثر فيه قول أبي ذر له: “أتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت؟”، ولأن عثمان كان لا زال يتذكر ما حذره منه واليه في الشام، فقد منع أبا ذر من الذهاب إلى البصرة، وحسب رواية المسعودي في (مروج الذهب) فقد اختار عثمان ضاحية الربذة القريبة من المدينة والمنعزلة عنها، لكي تكون منفى أبا ذر الجديد، في حين يرى ابن الأثير في (الكامل في التاريخ) أن أبا ذر هو الذي حدد لنفسه هذا المكان، وهو رأي يتفق معه الدكتور محمد سليم العوا الذي يرى أن رأي المسعودي لا يتفق مع خلق عثمان ولا مع مكانة أبي ذر، كما أنه غير ثابت تاريخياً، مستشهداً في ذلك برأي ابن خلدون الذي يؤيد رأي ابن الأثير، أما الدكتور محمد عمارة فيؤيد رأي المسعودي مذكراً بأن عثمان أجبر أبا ذر من قبل على مغادرة المدينة، كما أن شخصية نضالية مثل أبي ذر ـ على حد تعبير محمد عمارة ـ لا يمكن أن تختار الانعزال في الصحراء، مشيراً إلى ما رواه ابن الأثير في موضع آخر من أن أبا ذر كان يخشى على نفسه من العيش في ضاحية منعزلة كالربذة، لكي لا يعود فيها إعرابياً كطبيعته السابقة.
اذا انتهيت من القراءة صلي على النبي 😍❤

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!