close
معلومات دينية

لماذا لم تبدأ سورة التوبة بالبسملة ؟ سببان وراء عدم قراءتها

ويقولون: لأنها أمان، وبراءة نزلت بالسيف، فنزولها لرفع الأمان الذي يأبى مقامه التصدير بما يشعر بقائه من ذكر اسمه تعالى مشفوعاً بوصف الرحمة، فلم يناسب ذكر اسم الرحمن الرحيم والبسملة لما في ذلك من نقض الأمان وتوعد المشركين؛

ولذا قال ابن عيينة: اسم الله سلام وأمان، فلا يكتب في النبذ والمحاربة.فهذه الآية تعلن نبذ العهود،

وإعلان الحرب على المشركين بعد المهلة التي سنبينها -إن شاء الله- فهذا يتنافى مع ذكر البسملة التي فيها الرحمة، وفيها لفظ الجلالة واسم الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء:٩٤] فإن قيل: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب إلى أهل الحرب البسملة، فلما كتب إلى أهل الحرب كـ كسرى وقيصر كتب: (بسم الله الرحمن الرحيم).قال: إنما ذلك ابتداء منه يدعوهم، كانت مرحلة دعوة، فابتدأ هو بالدعوة، ولم ينبذ إليهم، ألا تراه يقول: (سلام على من اتبع الهدى)، فمن دُعي إلى الله عز وجل فأجاب، فقد اتبع الهدى، فظهر الفرق، أما هنا: فالسياق بخلاف ذلك، وكذا قال المبرد: إن التسمية افتتاح للخير، وأول هذه السورة وعيد ونقض عهود؛ فلذلك لم تفتتح بالتسمية.

الثاني: أن ذلك على عادة العرب إذا كتبوا كتاباً فيه نقض عهد أسقطوا منه البسملة، فلما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، علياً رضي الله عنه ليقرأها عليهم في الموسم -يعني: الحج- قرأها ولم يبسمل على عادة العرب في شأن نقض العهد، نقل هذا القول بعض أهل العلم ولا يخفى ضعفه. الثالث: أن الصحابة لما اختلفوا هل البراءة والأنفال سورة واحدة أم سورتان، تركوا بينهما فرجة لقول من قال: إنهما سورتان، وتركوا البسملة لقول من قال هما سورة واحدة، فرضي الفريقان وثبتت حجتاهما في المصحف، وهذا الكلام فيه نظر؛ لأن الحاكم يقول: استفاض النقل أنهما سورتان، ويقول أبو السعود في تفسيره: اشتهارها بهذه الأسماء -يعني: إذا كانت السورة اشتهرت بأربعة عشر اسماً- يقضي بأنها سورة مستقلة وليست بعضاً من سورة الأنفال، ومعنى ذلك أن سورة هي أكثر سورة من حيث عدد أسمائها، فكيف بعد ذلك يشك هل هي سورة أم سورتان مع الأنفال؟! فطبعاً اشتهارها بأربعة عشر اسم يؤكد أنها سورة مستقلة، وليست امتداداً لسورة الأنفال؛ لكن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا، كما سنبين إن شاء الله تعالى فيما يأتي، هل هي امتداد لسورة الأنفال؛ بسبب وجود بعض التشابه بينهما أم أنها سورة مستقلة؟

فلما اختلفوا إلى فريقين: فريق يرى أنها امتداد لسورة الأنفال، وفريق يرى أنها سورة مستقلة، كان هناك نوع من الحل الوسط، يرضي الفريقين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فتركوا بينهما فرجة، ففي المصحف العثماني ختمت سورة الأنفال ثم تركت مسافة تكفي لكتابة (بسم الله الرحمن الرحيم)، وهذه الفرجة لا توجد بين أجزاء السورة الواحدة، إنما من شأنها أنها توجد بين السورتين، وفي نفس الوقت لم يكتبوا في الفرجة (بسم الله الرحمن الرحيم) إشارة إلى اختلافهم على مذهبين: ترك البسملة بناءً على قول من ذهب إلى أنهما سورة واحدة، وإيجاد الفرجة للدلالة على قول من قال: إنهما سورتان، وشأن السورتان أن يفصل بينهما بهذه الفرجة. يقول الشنقيطي: ومنها أن الصحابة لما اختلفوا: هل البراءة والأنفال سورة واحدة أو سورتان؟ تركوا بينهما فرجة لقول من قال: إنهما سورتان، وتركوا البسملة لقول من قال: هما سورة واحدة، فرضي الفريقان، وثبتت حجتاهما بالمصحف. الرابع: أن سورة براءة نسخ أولها، فسقطت معه البسملة، وهذا القول: رواه ابن وهب وابن القاسم، وابن عبد الحكم عن مالك، كما نقل القرطبي عن ابن عجلان وسعيد بن جبير: أنها كانت تعدل سورة البقرة. الخامس: قال القرطبي: والصحيح أن البسملة لم تكتب في هذه السورة؛ لأن جبريل لم ينزل بها فيها، قاله القشيري.قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى بعد أن استعرض هذه الأقوال: وأظهر الأقوال عندي في هذه المسألة:

لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇

الصفحة السابقة 1 2 3الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!