هل إذا حصل بين الإنس والجن زواج يكون شرعياً، وهل يستطيعون أن ينجبوا أطفالاً؟ ولأي الفئتين ينتسب الأطفال إذا كان هنالك أطفال؟
الإجابة: أما الجن فإن معنى جنّ في اللغة غطى وغاب، ولذا إذا أخذنا اشتقاقات جن في اللغة، وجدنا التغطية والغياب هي القاسم المشترك بينها، فتقول: جنة إذا غابت تربتها بالحفرة، وتقول حجن إذا غطى صدر صاحبه في المعركة، وتقول مجنون إذا غطي عقله، وتقول جنين إذا غطي في بطن أمه، ويقال جِنٌ إذا غاب عن الأبصار.
والجن لا نعرفه معرفة تفصيلية إلا من خلال الأخبار التي ثبتت في الكتاب والسنة، والعقل لا يجوز له أن ينكر الجن، ومن أنكر الجن بالكلية فيخشى عليه من الردة والكفر، فالقول العصري أن المراد بالجن الفيروسات وما شابه فهذا ضلال، والعياذ بالله.
وربنا قال عن الجن: {كنا طرائق قدداً} فالجن منهم الصالحون ومنهم المفسدون، وطرائق قدداً أي أصحاب مذاهب شتى؛ فكان يقول بعض التابعين: في الجن شيعة وخوارج وأشاعرة، وأهل سنة.
والجن في أصل خلقتهم كما ثبت في (مستدرك الكبير)، وعند البيهقي في (الأسماء والصفات) من حديث أبي ثعلبة الخشني، رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الجن ثلاثة أصناف فصنف لهم أجنحة، يطيرون بها في الهواء، وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون”، والجن خلق من خلق الله عز وجل، مكلفون مأمورون منهيون، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وأمرهم ومنهم من استجاب له ومنهم من كفر وضل، والعياذ بالله.
فالجن خلق من خلق الله لا يجوز لأحد أن ينكرهم، ولا يجوز لأحد أن يفصل عنهم بعقله، ولا بتجربته.
.. أما زواج الجن للإنس فالمتعة حاصلة، فقد يتمتع الإنسي بالجني، والجني بالإنسي، لكن الزواج بالمفهوم الشرعي هل هو حلال؟ لا، والأحاديث التي فيها التصريح بوقوع الزواج من الإنسي للجني، كلها ضعيفة لم تثبت في سنة، بل استنبط غير واحد من الفقهاء من قول الله عز وجل: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً}، أن فيه دلالة على أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج امرأة من غير جنسه، وورد عند أبي داود في سننه من حديث عائشة (برقم 5107) قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هل رُئي فيكم المغربون؟” قلت: وما المغربون؟ قال: “الذي يشترك فيهم الجن”، وهذا حديث لم يثبت، وكذا أخرج أبو الشيخ في (العظمة)، وابن عدي في (الكامل)، وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحد أبوي بلقيس كان جنياً”، وهذا أيضاً ضعيف جداً، وهنا قصة لم تصح ولم تثبت من الإمام مالك أنه سئل: هل يجوز للرجل أن يتزوج الجنية؟ فسكت ولم يجب، ثم في مجلس خاص سئل: لِمً لَمْ تجب؟ فقال: “يجوز، لكن أخشى أن تأتي المسلمة حاملاً من الزنا، ويقال لها: ماذا فعلت؟ فتقول: تزوجني جني!” فهي غير صحيحة عن مالك، ومدارها على رجل يكنى أبي عثمان واسمه سعيد بن داود الزنبري، وهو ضعيف جداً، ولم ترد القصة عن غيره.
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم 3 في الصفحة التالية 👇